ومع ذلك فإن المدينة العربيّة الإسلاميّة تستمد بعض ملامح شخصيّتها من المدينة العتيقة التي ورثت عنها إضافة إلى الموقع الذي يعود إلى العهد الرّوماني وقبل الرّوماني ، شكلا من أشكال العمران وخاصة بعض البقايا والآثار المهمّة ، كالضّريح البوني الثري الذي عثر عليه بهضبة " الرّابطة " وأركان مسرح روماني بأسس دار الباي ، المقر الحاليّ للوزارة الأولى، وبقايا كنيسة أو قلعة بيزنطيّة تحت جامع الزيتونة ونقيشة تشير إلى فترة الوندال.
وهكذا تبدو تونس بمعالمها كتابا مفتوحا يجد فيه القارئ ما يشفي الغليل ، فهي تمتد أمام الناظر وعلى امتداد البصر مبسطة بيضاء ما عدى المآذن العديدة الرباعيّة أو الثمانيّة الشكل قد صوّبت نحو السّماء مصابيحها المشدودة إلى السّقوف الهرميّة الشّكل التي يعلو كلا منها هلال.
وتعدّ مئذنة جامع الزيتونة أشدّ عظمة وأكثر ارتفاعا على الإطلاق
لكنّها في الآن نفسه أحدثها إذ يعود بناؤها إلى أواخر القرن التاسع عشر (1894) فهي آ خر شهادة كبرى لمدرسة
وقد شيّدت القصبة في ما مضى ، فوق مرتفعات الهضبة المشرفة على المدينة من الجهة الغربية وكانت مقرّ إقامة السّلطان الحفصي.
وقد مضت على اختفائها عشرات السّنين ، وحلّ محلّها حيّ إداري فخم يحتوي على مباني ذات طابع أوروبي أو موريسكي جديد يطلّ عليها المعهد الصّادقي ( نهاية القرن XIX )ودار الحزب وحديثا قصر البلديّة. و قد تمّ بناء المدينة الأوروبية في الجهة الشّرقية منذ نهاية القرن التّاسع عشر فوق أراضي سبخة شاسعة امتدّت منذ القرون الوسطى إلى القرن XIX على طول الجناح الشّرقي للمدينة أمام باب البحر حيث كانت توجد التّرسانة التي
شيّدت قبالة الميناء. وقد شيدت في هذه المدينة الجديدة عمارات أوروبية أنيقة مثل مسرح مدينة تونس.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire